Homeمقالاتآراء"مستثار" السوداني والرأي المخالف

“مستثار” السوداني والرأي المخالف

عجيب هو هذا الكرسي “الملعون”، تتهاوى أمام قوائمه الأربع كل المبادئ والقيم والأخلاقيات، عند كل قائمة يتحول الإنسان بزاوية 90 درجة حتى يدور 360 درجة ويرجع إلى نقطة البداية ولكنه يعود شخصاً آخر لا نعرفه ونُصدم بما آل إليه.

السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، كنت أتابع أخبارك منذ أن كنت قائممقاماً لقضاء العمارة مركز محافظة ميسان بحكم “القرابة” التي بيني وبينك، كنت موفقاً ومخلصاً وملتزماً بمهنيتك التي يعرفها من يعرفك حين كنت مسؤولاً زراعياً في ميسان، وكنت أبعد ما تكون عن الكرسي ومغرياته في ذلك العهد “الأغبر”، عهد العوز والفاقة والفساد المالي والإداري والأخلاقي، كنت في حينها مثالاً للمسؤول الذي يحترم مهنته وشرف الوظيفة وأداء الواجب ولم تغريك المغريات.

ومن ثم وبعد أن أصبحت محافظاً لميسان لم تتغير على الرغم من أن المغريات أصبحت أكبر وأخطر لكونك رئيس حكومة محلية، وكانت سياستك الركون إلى الهدوء والسكينة والعمل المخلص وعدم التلوث بمستنقع التسقيط السياسي والمزايدات الحزبية وحافظت على نظافة يدك وسمعتك بكل صلابة.

وحتى بعد أن قام “الزعيم” بحرمان محافظة ميسان منك وسحبك إلى المنطقة “الغبراء” في العاصمة بغداد لم تتلوث بكراسي المناصب الكثيرة التي تقلدتها وحافظت على نظافة يدك وكنت تبتعد عن “الجيوش الإلكترونية” احتقاراً لها ولمن يعتمدها ويوظف أموال الدولة لتجنيدها.

وجاءت ما تسمى جزافاً بـ”ثورة تشرين” عام 2019 والتسمية الأدق والأصح “نكبة تشرين” وكنت أنت مرشحاً شعبياً وليس سياسياً أو حزبياً أو محاصصاتياً لتولي الحكومة بعد رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي بخلاف كل من تم ترشيحهم ورفع أسمائهم وجميعهم كانوا “تزكيات حزبية مرفوضة” باستثنائك فقد كنت مقبولاً من قبل مختلف الأطياف العراقية ما عدا بعض البيادق المأجورة التي كانت تتلقى أوامرها من السفارات و”الفرق الحزبية”، ورغم كل ذلك لم تلجأ للأساليب المبتذلة التي انتهجها غيرك وأغدق عليها أموالاً طائلة من خزينة الدولة ولا داعي لذكر أسمائهم لكثرتهم ولأن العراقيين يعرفونهم من دون تصريح ولا تلميح.

لكن المفاجأة الصاعقة يا “ابن عمي” هي تحولك المفاجئ والصادم بعد سنة فقط من توليك رئاسة الحكومة، وكأنك كما يقال في لغة الألعاب الإلكترونية وصلت إلى “مرحلة الوحش”، وفاجئني وجود المبتز الإلكتروني محمد جوحي -صدر بحقه حكم قضائي بجريمة الابتزاز- في مكتبك على الرغم من أنه كان ضمن فريق رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الذي كنت تشن عليه حرباً شعواء حين كنت نائباً في مجلس النواب العراقي، وفاجئني وجود البعض في فريقك ممن هم لا يجيدون غير إدارة الجيوش الإلكترونية ويجلسون خلف الكيبورد “منتفخين” ظناً منهم أنهم يخدموك لكنهم يأتون عليك بالضرر ولأنفسهم بالنفع مستغلين هذه السلطة.

كنت يا سيادة الرئيس أبعد ما تكون عن الجيوش الإلكترونية حين كانت قائممقاماً ومحافظاً ومديراً لمؤسسة ووزيراً ونائباً، فلماذا انحدرت هذا الانحدار؟!.

أنا أعرف أنك لم تعد كما كنت قبل أن تصبح رئيساً للحكومة -هذا تكهني وتحليلي الشخصي لشخصيتك- لكن هناك ما قلّب موازينك، الكرسي والحاشية و”الحُجّاب” كما فعلوا بمن سبقوك، وكما فعل جيش من بعض المستشارين الذين لا يصلحون لغير “الاستثارة” وليس الاستشارة، وعلى ما يبدو أن هناك من أقحمك في مستنقع الجيوش الإلكترونية وجد في جوقة مستشاريك من يصلح أن يُطلق على بعضهم مسمى “المستثار” فدفعك إلى رفع دعاوى قضائية ضد بعض المحسوبين على الصحافة والإعلام وبعض “المهلهلين” وليس المحللين السياسيين.

ما الذي حلّ بك يا ابن صيهود؟، من هو الإرهابي المرتزق أبو محمد الجولاني، بيدق تركيا الرخيص، المطلوب للقضاء العراقي لتورطه بدماء العراقيين لكي ترسل له رئيس أخطر جهاز أمني في الدولة للقائه وإضفاء الشرعية على وجوده وحكومته الإرهابية؟، من هذا الذي يبدل جلده كما تفعل الأفعى وما قيمته لتتنازل له عن دماء أبناء عمومتك؟، بمن أذكرك، بقائد الفرقة السادسة من الجيش العراقي اللواء الركن نجم عبد الله السوداني، أم النقيب حارث عبد علي السوداني من خلية الصقور، أم فقيد جهاز المخابرات؟، فهل تريد أن استرسل يا سيادة الرئيس؟!.

حقيقة لم أعد استبعد إن سمعت غداً أو بعده أنك بنفسك تفرش السجادة الحمراء في مطار بغداد الدولي لاستقبال عائلة رئيس النظام السابق وأزلامه وجلاديه وتخصص لهم قصوراً في المنطقة “الغبراء”، لم أعد استبعد أي شيء عنك، كل شيء وارد ومبرر من أجل الكرسي “الملعون”.

للأسف هل جاء اليوم الذي نقول فيه: خذلتنا جميعاً؟ وأول من خذلت أباك الشهيد، هل نقول اليوم الآن فعلاً مات شياع؟، هل نجد انفسنا أمام “كل شيء يهون من أجل الولاية الثانية”؟ أخشى اليوم الذي ستكون فيه بحلم وتستفيق في كابوس.

ذات صلـــــة

الأحدث

الأكثر مشاركة

دارسة تكشف عن أفضل أوقات الشعور بالسعادة

كشفت دراسة بريطانية حديثة أن المقولة الشهيرة بأن "كل شيء سيكون أفضل في الصباح" قد تكون أكثر من مجرد كلمات مواساة، بل تحمل في...